ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تجتاحني في أحيان كثيرة رغبة جامحة للكلام ،
رغبة للاعتراف .
أنا لم أتقن شيئا في حياتي حتى الاحتراف .
لم تكن حياتي سوى سلسلة من الرضوخ والإذعان .
الحاجة هي التي رسمت الطريق .
كان القرار حيث يوجد الرغيف.
وكان اكثر الأشخاص ذكاء على الأرض هو رب العمل ،
وهو الشخص الوحيد الذي كان فوق الأنظمة وفوق القوانين ؛
في بلد الأنظمة الربانية ،
والمظلة السماوية ،
وكانت الاستمرارية في العمل
تعني الاستمرارية في الاستسلام ،
تعني الاستمرارية في الخضوع .
كانت عزة النفس والكبرياء مرآة يرى فيها ماضيه الوضيع وحاضره السخيف .
كان يريد أن يفهم من الجميع انه إنسان موهوب ،ممّيز وشريف ،
أنت في أمان طالما تتمتع بالقدرة على إقناعه بذلك ،
وأنه إنسان طيب القلب رئيف ؛
تلك هي الوسيلة التي تفننت فيها بتعذيب نفسي طيلة عشرين عاما من عمري القصير .
هكذا اختصرت حياتي ،
ولخصّت كل المفاهيم ،
هكذا اختزنت تلك الكميات الكبيرة من الكراهية في جوفي وتحت جلدي ،
هكذا موّنت مخازني بالبغض والتعطّش إلى الانتقام ،
هكذا ، عجنت لحمي بالذنب ،
ومزجت أوهامي بالدم ،
هكذا استعمرت كهوف روحي بالكوابيس .
تلك هي الألوان التي استخدمتها في لوحاتي ،
وحقنتها في شراييني ،
وزيّنت بها جدران أفكاري ؛
ألوان قاتمة ،
لا تحتوي على شيء من أطياف النور .
تجاهلت الكثير من القيم والنواميس ،
مزّقت صفحات كثيرة من الكتب والقواميس .
تعاميت عن نور الشمس ،
صنعت تاريخا مشوها للأمس .
لم اجرؤ بالبوح بالرفض لكل ما كان يجري ولو حتى بالهمس .
تابعت المسير على طريق اللقمة ؛
حيث لا اختيار ،
طريق الوحشة والغربة ؛
حيث لا أخ ، لا صديق ، لا جار .
ــــــــــــــــــــ
إبراهيم العمر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق