بالذِّكْرِ والتَّسْبيحِ تُؤنَسُ وحشتي
وتَفوحُ عطراً في البرايا نسمتي
كمْ مِن ليالٍ أَثقلَتْ أوزارُها
أَجْرَتْ سياطٌ مِن جفاها عبرتي
حَلَّتْ وغاضَ الصبرُ فيها مُوقِداً
لهباً تَعاظَمَ في الفؤادِ لحسرتي
فذكرتُ ربي فٱستحالتْ جَنَّةً
وتَبدَّلتْ سَعْداً فصولُ الشِّقْوةِ
إلّاهُ مَن يُنْجي ويَكشِفُ ضرَّنا؟
تباً لِمنْ يَرتادُ دربَ الغفلةِ
إذ يَرتجي عبداً ضعيفاً مثلَهُ
في دفعِ ضرٍ أو لنيلِ الحظوةِ ؟
أيٌ تَعالى دونَ ربي قَدْرُهُ
يَبقى فقيرَ النَّفعِ خالي القدْرةِ
ربي الذي ناداهُ نوحٌ بعدَما
أَرسَى جبالَ الحزن ضيقُ الكُربةِ
فحَباهُ بالفُلْكِ العظيمِ وأهلُهُ
زوجانِ مِن كلٍ لحفظِ الخِلقَةِ
مِن بأسِ طوفانٍ تَدانتْ دونَهُ
هامُ الأُطومِ بأمرهِ في حكمةِ
حتى غدا (الجوديُّ) ميناءً لهُ
_أحْنى عليِهِمْ _مَوْئِلاً للمِحْنةِ
وهَو الذي آوى وأَنقذَ يونساً
مِن بطنِ حوتٍ وسْطَ بحرِ الظلمةِ
بدعاءِ مَكروبٍ تَجلجلَ في السَّما
فتَهاطلتْ أَنْداءُ غيثِ النَّجدةِ
ودَعاهُ إبراهيمُ صِدقاً حينَما
أَلْقَاهُ في النِّيرانِ حقدُ المِلَّةِ
فأَحالَ حرَّ النَّارِ ربي مُنْعِمَاً
بَرْداً سلاماً عُظِّمَتْ مِن نُصْرَةِ
أَعطى لموسى كَفَّ نورٍ شاهِداً
بيضاءَ تَغلِبُ زيفَ زيغِ النَّظْرةِ
وعصاهُ ثعباناً تَلَقَّفُ ما أتى
جمعٌ تَولّى السِّحْرَ يومَ الزِّينةِ
وحماهُ مِن فرعونَ أَفْنى كِبْرُهُ
كلَّ العِبادِ مُبالِغاً في البَطْشةِ
أجرى لهُ الصَّخرَ العَصِيَّ مَشارِباً
ولقومِهِ نَعْما ببعضِ الضَّربةِ
إذ ساقَهُمْ ظمأٌ فنادَوا بالرَّجا
موسى فنادى ربَّهُ بالرَّحْمةِ
هذا وأَخْزى جيشَ فرعونَ -الذي
سامَ العبادَ تَجَبُّراً- في اللُّجَّةِ
ورمى بفرعونَ البَغيِّ كجيفةٍ
نَكراءَ جُلَّتْ في الورى مِن عِبرةِ
هذا مصيرُ الظَّالمينَ فويلُهُمْ
مِن بطشةِ العَلّامِ سيرَ النَّملةِ
وَهَبَ المَسيحَ مَكارِماً بينَ الورى
كالنّورِ تَجلو لَبْسَ دهرِ العتمةِ
سبحانَهُ إذ أُنزِلتْ آياتُهُ
أَحْيَتْ قلوباً بعدَ طُولِ المِيتةِ
وعلى ختامِ الرُّسْلِ بُشِّرَ بالهدى
بالنَّصْرِ أُيِّدَ رغمَ ضَعْفِ القِّلةِ
كلُّ الخلائقِ مااحتَوتْها مِنَّةٌ
مثلُ النَّبيِّ المُكْتَسى بالرَّحمةِ
نورٌ تَجَسَّدَ في ثيابِ مَهابةٍ
عَطْفٌ تَمَازَجَ معْ بهاءَ العِزَّةِ
صلى عليهِ الرَّبُ في عليائِهِ
هل نالَ عبدٌ مثلَ هذي الرِّفْعَةِ ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق