السبت، 6 مايو 2017

قصيدة : تمتمات :.......الشاعرة مريم كباش


============
نظرتْ إليه وقد تعطَّرَ بالضِّياءِ وبالجمالْ
وعلى السَّريرِ رأتْ قناديلَ القداسةِ والجلالْ
فيضٌ من الأنوارِ يومضُ كالصَّباحِ على التِّلالْ

الثَّغرُ مبتسمٌ , على الوجناتِ شمسٌ في الزَّوالْ
وتساءَلَتْ : ماذا يرى وقد استعدَّ إلى الوصالْ ؟
ومضتْ تُتمتمُ : أنتَ ابني ؟! في انكسارٍ وابتهالْ
هلْ أنتَ ابني ؟ في ذهولٍ كم تُردِّدُ ذا السؤالْ !
* * * * * *
نظرتْ إليهِ وحيرةٌ وتساؤلٌ هَزّ الكيانْ
الصَّمتُ غَلَّفَ وجهَها والآهُ تصرخُ في الجَنَانْ
وبناظريها غيمةٌ حُبلى بأسرار الجُمانْ
والصَّوتُ بؤسٌ قد تدفقَ بالمحبَّةِ والحَنانْ
وَتَطَلُّعٌ نحو المدى وتغوصُ في عمقِ الزَّمانْ
فكأنَّما أيديهِ في روضِ الطُّفولةِ زهرتانْ
وكأنَّما عيناهُ في عتمِ اللَّيالي كوكبانْ
عيناهُ صارت كُوَّتانِ مَطِلَّتَانِ على الجِنَانْ
* * * * * *
ومَضَتْ تُتَمْتِمُ , همسُهَا مُتَأَوِّهٌ بِتَنَهُّدِ :
ماعَقَّني يوماً , ولم يغضبْ , ولا لم يَعْتَدِ
لم يعرفِ الأحقادَ , لم يَحْنُقْ , ولم يَتَوَعَّدِ
حُلْوُ الطِّباعِ فلم يُهَدِّدْ صاحباً , ولم يَتَهَدَّدِ
حُسْنَى يقولُ فلم يُسِيءْ في قولهِ أو باليدِ
للخيرِ يسعى جاهداً في فعلهِ والمقصدِ
ما سارَ في دربِ الغوايةِ , سارَ نحوَ المسجدِ
بخشوعِ قلبٍ مؤمنٍ وسماحةِ المُتَعَبِّدِ
* * * * * *
نَظَرَتْ إليهِ وتَمتماتُ أَنِينِهَا نارُ البكاءْ
ضَمَّتْهُ في جَزَعٍ , أَفِقْ , هَزَّتْهُ , ترنو للسَّماءْ
لمْ يُصغِ للقلبِ الجريحِ ولم يُجِبْ ذاكَ النِّداءْ
نَظَرَتْ إليهِ رَأَتْهُ يركبُ فوقَ أجنحةِ الفضاءْ
يعلو, ويعلو, قد تلفَّعَ بالطَّهارَةِ والصَّفاءْ
وملائكٌ بالنُّورِ تحملُ روحَهُ نحوَ السَّماءْ
في صمتها سقطتْ, جرى دمعٌ غزيرٌ في سخاءْ
صوتٌ من الآفاقِ نادى : أَبْشِري , فغداً لقاءْ
فَلْتَصْبِرِي , لا تَجْزَعِي , أُمَّاهُ ! قد حَلَّ القَضاءْ
ولدي ..! وداعاً .. ياشهيداً قد توشَّحَ بالنَّقاءْ
* * * * * *
وَمَضَتْ تفكِّرُ كيف تصبرُ بعد أنْ تركَ الحياهْ ؟
والحزنُ يغزو القلبَ يُمعنُ في العذابِ وفي أذاهْ
لا.. لم يَعُدْ لِلْتَمتماتِ .. ولا الكلامِ على الشِّفاهْ
إلَّا ارتعاشٌ بائسٌ , تَعْيَا المَدارِكُ عن مَدَاهْ
في الصَّمتِ يصرخُ قلبُها : ذا الحلمُ لم يبلغْ مُنَاهْ
أُمٌّ .. أنا ! والموتُ أَحْنَتْ ظَهْرَ آمالي يَدَاهْ
* * * * * *
في اللَّيلِ عانقَ دمعُها الطَّيفَ الجميلَ إلى الصَّباحْ
ترنو إليهِ , خُطَاهُ تسمعُ في الغُدُوِّ , وفي الرّواحْ
ومن المَدى ينسابُ صوتُهُ دافئاً يشفي الجراحْ
ويُطلُّ وجهُه ضاحكاً فيه البراءة والسَّماحْ
ويقولُ : أُمِّي كَلِّلِيني بالرِّضى حتَّى النَّجَاحْ
وتراهُ يمضي نحو ساحِ الحربِ في يده السِّلاحْ
ويعودُ مبتسماً , وقد نالَ الشَّهادةَ والفَلاحْ
******** ******** ******** *******
 ريحانة الشام : مريم كباش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق